يكثر اللغط والجدال كلما طرح هذا الموضوع في المجالس والمنتديات قبل أن يستهلك سريعا ويرمى ميتا من خلال النافذة دون التوصل إلى حل وسط يرضي الجميع. وما يعيد “الحياة” إليه في كل مرة قبل ركله في سلة “البعدين” قرارات إصلاحية غير مباشرة كتصريح من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله:
http://www.youtube.com/watch?v=mf1Zzt716YM
أو إفتتاح صرح تعليمي كجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة داخل حدود الحرم الجامعي. فيظهر بعد هذه الأحداث أربعة فرق يتصف أثنان منهم بالتوسط العقلاني والأخران بالغلو العاطفي والتالي شرح بسيط لكل منهم :
1) فريق ينذر بقدوم يوم القيامة وإنتشار الفاحشة والزنا بين أوساطنا من خلال الإستدلال الخاطئ بالأحاديث والتحذير من حلول الليبرالية وغيرها من الويلات والآهات التي قد تتخيلها أو حتى تسمعها إذا تخيلتهم أمامك يرمونك بكل أنواع التهم المتعلقة بقلة الشرف والمرؤءة وقلة الدين لمناصرتك هذا الجريمة النكراء!
2) الفريق الثاني المضاد في المحتوى، المشابه في الفكر السخيف يرى السماح بقيادة المرأة لسيارتها بإنتصار سياسي لفرقتهم التي لفظها الغرب ولكنهم تبونها هم عن قلة نظر أيما كانت ومظهر من مظاهر قرب فصل الدين على الدولة ، إلخ هذا الحب الأعمى للغرب بدون تفكير أو شخصية تذكر.
3) فريق متوسط لا يؤيد قيادة المرأة لأسباب إجتماعية أو إتباعا لقاعدة “السلبيات أكثر من الإيجابيات” أو “درء المفاسد” أو ريثما يتطور الشعب السعودي ويرتقي في التفكير على حد قولهم.
4) فريق معتدل أيضا ولكنه يؤيد السماح بقيادة المرأة لسيارتها أسوة ببقية العالم الإسلامي مع عدم وجود الدليل الشرعي أو الحجة المقنعة للمنع الأشبه بالتحريم الحاصل في وقتنا الحاضر.
الموقف السليم التي يجب أن يؤخذ ويدعم هو السماح للمرأة بالقيادة داخل حدود المدن والقرى (لأن المملكة وكما تعلمون مترامية الأطراف، قليلة السكان بالنسبة لمساحتها وتتكون من أراضي صحراوية واسعة والمدن متفرقة فيما بينها). وبالنسبة للرد على بقية الفرق وحججهم المختلفة أترككم مع جوابي لشخص من الفرقة الثالثة طرح علي وعلى أنصار فرقتي هذا السؤال البسيط:
ماهي الأسباب التي جعلتكم توافقون على هذا لموضوع ؟؟؟ بمعنى أخر ..
وشكرا
السؤال اذي يجب أن يطرح هو لماذا نحرم شئ حلال وفي نقس الوقت نحلل شئ حرام بدواعي غير منطقية بتاتاً؟
الوضع الحالي يقتضي بمنع أشبه بالتحريم لقيادة المرأة لسيارة مغلقة مع وجود رجال الأمن والمباحث وسط أنظار الناس بدون دليل شرعي.
بل على العكس لو نظرنا وتأملنا في القرآن الكريم والسيرة النبوية وحياة الصحابة وجمهور العلماء في العصور الحديثة والعابرة لوجدنا ما يكفي من الأدلة لوصف هذا المنع بالغلو الصريح، حاله مثل حال من يمنع جلوس الأخوان والأخوات على مائدة الغذاء معا ومنع كشف وجه الزوجة أمام أهلها وأولادها.
وفي نفس الوقت وبحكم الضروروة نجد أنفسنا في الشغل أو الجامعة وليس لدينا الوقت الكافي لتوصيل أخواتنا وأمهاتنا للمدرسة أو الشغل أو حتى مرافقتهم في السيارة في كثيراً من الأوقات فماذا فعلنا يا ترى؟
حللنا حراماً وجعلناهم في السيارة المغلقة ومعهم رجال أجانب ، خلوة، ذهابا وأيابا في كل يوم مرة على الأقل.
وأيش الدواعي؟
“الشباب وراهم يعني وراهم”. وبدل ما نربي هؤلاء الأطفال إلي ما تربوا نروح وراء المتربين المساكين ونعاقبهم لأن الحل هذا “أسهل”. لأنهم حريم. معليش، ما يطلعوا صوت. نمشيها.
لا وفي البعض يتللذ بالموضوع ويتفاخر بالقبضة الحديدية على أسرته ويقول “بأمنع أهلي”. يأخي أمنع نفسك. هذه الرجولة. وخلي غيرك للشرطة. هذه شغلتهم. وما عندنا شرطة وبس، عندنا هيئة الأمر بالمعروف كمان.
ولا إلي يجي يقولك “خروج بدون إستئذان”، يأخي كل بيت وله باب وإلي ما يمنع أهله بدون سيارة (ديوث) فمع السيارة ما تفرق. قيادة المرأة لسيارتها ليس معناه أنها لا تلبس العباءة أو أنها قليلة شرف، هذا حق لها بحكم أنها مواطنة تفعل شئ مباح وحلال وبرضا من أهلها وتحت رعايتهم في مجتمع مسلم محافظ شريف.
“طيب التراث والتقاليد والعادات!”. سؤال، الحين لما يكون هناك تعارض أو إختلاف ولو بسيط من يقدم على الأخر، الدين ولا التراث؟ الدين ما جاء علشان تختار إلي يناسبك ولما يكون هناك تعارض أو إختلاف تقوم بتبرير التراث أو حتى إدخاله ضمن الدين وتتناسى الحكم الأصلي وهذه مشكلة أغلب الدول الإسلامية اليوم، بس هذا موضوع أخر…
ومن الناحية المالية فلو نفكر فيها قليلا لنرى ملايين الريالات وقد عادت لأصحابها المساكين بدلا من الدوران في مكاتب التقديم أو أزقة الأحياء القديمة بحثا عن الهاربين! وهن في الأخير سيستبدلوا السواقين ففين الزحمة؟
وأخيرا وأنا شخصيا أحب هذا الجزء إلي يجي يقول “جات على هذه؟ في مواضيع أهم!”. لازال هناك الكثير وللأسف الشديد من يرددون هذا الشعار وجعلوه حجر الأساس لعلاج جميع المشاكل الظاهرية والباطنية…
متناسين بذلك بأن هذا هو السبب الذي جعلنا نتأخر عن العالم ونترك تعاليم ديننا و نختفي بدون أثر يذكر. حتى الأشياء إلي فعلناها وقدمناها للعالم خلينا غيرنا يأخذون الفضل وجلسنا نطالع ولا كأنه صار شئ إلا من رحم ربك.
نعم مشاكلنا كثيرة ومعقدة بس لو تبغى تلخيص لها هذا هو:
“جات على هذه؟ في مواضيع أهم!”
على العموم هذا موضوع ثاني وأنا مو حابب أطول على أخونا وجواب سؤاله هو أن قيادة المرأة للسيارة سد لباب الخلوة الحاصلة بإرادتنا أو بغيرها هذه الأيام. وإلي يجي يقول عنده أخوان أو خيلان\عمّان أو دوام مسائي أو حرمته ما تشتغل فهذا ياسيدي مهو مسألة إختيارية، هذا “حظ”.
والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
التنبيهات: إحصائيات المدونة للعام 2010 « X5Dragon