حوار مع مسيحي: تناقضات مزعجة

أدون هنا في شكل حلقات حوار ديني ثقافي  جرت بيني كمسلم سني (أحمد) وبين مسيحي كاثوليكي (أندري) حول بعض التناقضات المزعجة التي وجدتها في تعاليم المسيحية، ولكن سرعان ما تحول هذا النقاش إلى مقارنة ولو بسيطة بين تعاليم الديانتين فلنتابع الحوار:

أحمد

:إذا بإمكاني إضافة تعليق فهذه بعض التناقضات التي أزعجتني في تعاليم المسيحية:

1) حكاية “إرتكاب آدم المعصية الكبرى ولذلك كل أحفاده والبشرية يولدون وهم على معصية”، هذا ليس بالعدل.

2) إذلال الرب نفسه.

3)الرب لا يسنطيع مغفرة عباده بملء إرادته.

4) موت الرب، هذا يناقض مفهوم الألوهية في الصميم.

5) كيف بقيت الكون على حالها ومن تولى أمرها عندما كان الرب بشرا كما تزعمون؟

6) إغواء الشيطان للرب، وهو مخلوق من مخلوقاته.

7) تعاليم غير متوافقة مع الشريعة اليهودية التي قال عيسى عليه السلام أنه سيطبقها ويعلمها في الأنجيل أو مع التعاليم السماوية السابقة.

هذا ما أستطيع التفكير فيه حاليا…

أندري:

1) نستطيع عمل مقارنة مع علم الجينات. عندما يقول الأنجيل أن معاصي الأب ليست لأولاده، يعني أن كل شخص له الخيار ليكون ما يريد. هذا شبيه بما يحدث في الوراثة الجينية، أبناء لاعب الحديد لن يصبحوا بشكل تلقائي أصحاب عضلات فقط لأان أباهم كذلك. معصية آدم لم تؤثر عليه، ولكن على الطبيعة البشرية. معصيته شبيهة بموروث جيني في ال دي أن أي.

2) أن لا أرى مشكلة بأن يتواضع الرب لنا. هذه علامة من علامات طبيعته. خلق الرب من من خلال نفسه قدوة لنا.

3) أنه يغفر لعباده بالفعل. موت المسيح لا يتعلق فقط حول المغفرة، ولكنه أيضا يخص إيجادنا للحياة الأبدية في الجنة مع الرب. قبل المسيح، لم يستطيع البشر دخول الجنة. الجنة ليس كالفالهالا (جنة الفايكينج) أو اليسيوم (جنة الرومان)، حيث يكافئ الروح على حسناته. هي دار الله التي يصل الإنسان إليها من خلال المشاركة الروحية بالرب.

4) ليس إذا تحول الرب إلى إنسان. من أركان المسيحية الرئيسية هو أن المسيح تغلب على الموت، مثبتا بذلك أنه الرب.

5) أن الرب، يستطيع أن يفعل عدة أشياء في نفس الوقت. نظريتي الشخصية. الرب يوجد خارج الزمن، فيستطيع أن يتواجد كبشر في صورة المسيح وأن يظل الرب في نفس الوقت. يشبه الوضع بدكتور هو (الشخصية الرئيسية في مسلسل بريطاني شهير يحمل نفس الأسم)، حيث يستطيع رؤية شخص قابله ولكن لا يعرفه إلا لاحقا.

6) ولكنها تمت بترتيب الرب. بإتخاذه صورة إنسان، جعل نفسه عرضة للخطيئة. هذا مربوط بمفهوم جعل الرب نفسه قدوة للبشرية. إذا تحول لبشر ولكن بدون القدرة على إرتكاب الخطايا، لم يكن يصبح بذلك بشرا فعليا. من خلال إغواء الشيطان، يقول الرب لنا: “أنا، مع كل الضعف التي توجد فيكم كبشر، أستطعت أن أتغلب على إغوائه، ولذلك تسطيعون أيضا التغلب عليه”.

7) المسيح يبين هذه الأشياء في تعاليمه.

 

أحمد:

1) دعنا نجرب طريقة أخرى، سأخبرك عن تعاليم الإسلام المتعلقة بهذا النقطة وأنت قل لي الفرق بين الأثنين. الإسلام يعلمنا بأن آدم عليه السلام أرتكب معصيته ولذلك يجب أن نقضي حياتنا على الأرض بدل من العيش في الجنة. يجب علينا العمل في حياتنا هذه لكي نصل إلى الجنة في الحياة الأخرة. نولد طاهرين وقلوبنا على الصراط المستقيم قبل أن نتخذ القرار بالإستمرار أو الضلال.

2) أن تتواضع أمام الناس وأن تذل نفسك ليس سيان، والإثنان يتناقدان مع كون الله جل جلاله العظيم و الأعلى. الله يرسل الرسل والأنبياء كقدوة لنا، لأنهم بشر مثلنا أرسلوا بتعاليمه وبشاراته ونذيره.

3) ولكنه لا يملك القدرة على إنقاذنا إلا إذا قتل نفسه لشئ نحن فعلناه، أقصد ما فعله آدم؟ إذا كانت الجنة مثل ما وصفت أو جنتنا التي هي جزاء العمل الصالح والإعتقاد السليم والحياة الأبدية بجوار الله عزوجل، لدى الله القدرة أن يعطينا ايا منهما لأنه قادر على كل شئ، القوي الرحيم. قول أنه متضر لأن يذبح نفسه ليستطيع إنقاذنا غير منطقي ولا يتوافق مع مفهوم الألوهية.

4) كيف يمكن للخالق أن يختار بأن يصبح أحد مخلوقاته؟ تفوق على الموت؟ هو خلق الموت في الأساس!

5) هل كان ربا خلال وجوده في الأرض كما يصف المسيحيون أو بشرا؟ لا يمكن أن يكون أن يكون بشرا وإلها في نفس الوقت. نعم، يستطيع أن يفعل أشياء عديدة في نفس الوقت، ولكن فقط لأنه إله. ومن الذي ضحى بنفسه؟

6) لا تزال الحكاية غير منطقية. كان يعصي نفسه؟ والمقولة الأخيرة هي رسالة  آدم، إبراهيم ونوح (لا نذكر هنا كل الرسل الذين أرسلوا من قبله وبعده)؟ ألم يستطيعوا جميعا أن يتغلبوا على إغواء الشيطان والموت بصلاح وتقي؟

7) حسنا، الصفات التي تذكرها المسيحية في وصف الرب غير متوافقة مع تعاليم اليهودية على سبيل المثال. وإذا أردت الرجوع أكثر إلى الماضي فنفس الكلام ينطبق مع تعاليم نوح وإبراهيم كذلك…

 

أكليمفال (مسيحي):

2) لماذا يزعجك هذا الشئ؟ ربنا يبين لنا أهمية التواضع وعيسى قدوة لنا في ذلك.

3) عندما خلق ربنا الكون، وضع عددا من القوانين التي لها عواقب، وبالتحديد إرتكاب أي معصية تمنعك من أن تكون في حضور الرب. المعصية عمل شنيع ومقيت عنده والجزاء الوحيد الذي يقبله هو الموت. سيكون ضد طبيعة الرب إذا خالف قوانينه ليغفر لنا ذنوبنا.

4) الرب أتخذ صورة إنسان، وذلك الإنسان هو الذي فارق الحياة.

5) هذا يرجع إلى مفهوم التثليث. ربنا يوجد كالرب الأب، الرب الإبن والرب الروح القدسي. الرب الإبن هو الذي عاش في الأرض.

هذا بعض الإجابات التي خطرت لي وأنا أقرئ ردك…

 

أحمد:

3) أذن أنت تقول بأن ربنا عزوجل لم يكن لديه النظرة المستقلية ليرى وضعه لقانون غير عادل وإحتياجه فيما بعد لإصلاحها، وأنه يفقد القدرة على مغفرة الذنوب ولذلك وجب عليه التضحية بنفسه، أليس كذلك؟

4) إذا أصبح الرب رجلا عاديا وفقد القدرة على إعطاء الحياة أو العيش للأبد، ومن ثم مات، من الذي بعثه أذن؟

5) ولكن هذا يفضي إلى أن الإبن، كبشر يعيش على الأرض، ليس مكافئا للأجزاء الأخرى في التثليث وعندها لا يكون ربا…

أندري:

1) هذا يبدو لي أكثر ظلما من المفهوم المسيحي للمعصية الأصلية. بإستخدام طريقة تفكيركم كل البشرية يجب أن تعمل لتصل إلى الجنة بسبب أفعال آدم. تفسير المسيحيين للحادثة هو أن أكل آدم من الشجرة جعل البشرية جنس غير مقدس (بمعنى اننا لدينا المعصية ولا يمكننا الذهاب إلى بيت الرب). بهذه الطريقة، الجنة ليست جزرة يعطينا أياها الرب لفعلنا الصحيح من الأعمال، الجنة هي وجود لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق التغلب على طبيعتنا البشرية والإتحاد مع الرب من خلال التواصل معه.

2) أنت تعرف الفرق بين التواضع والإذلال، ولا يجدر بك فعل ذلك، الإختلاف وعدمه يعتمد على الشخص نفسه. بالنسبة للمسيحيين، الشغف يمثل اللحظات التي أظهر الرب لنا أن العظمة ليست للكنهة الكبار، للجنود أو للسياسيين، بل للرجل العادي. فلا يهم ما هو مدى الألم التي يستطيع أصحاب القوة والسلطان أن تسليطه على الرجل العادي، هو في طبيعته كالمسيح ولذا يستطيع التغلب على الأفعال السيئة.

6) هذه تعاليم الإسلام. المسيحيون يعتقدون بأن الرب جعل من نقسه قدوة. وبهذه الطريقة هو لا يسألنا أن نفعل ما يقول، بل ما فعله بنفسه. هذه الطريقة مقنعة اكثر في نظري.

3) هي لسيت ضد المنطق وأو غير متوافقة. الرب يعمل من خلال قوانينه، هو لا يخرقها ولا يرجع عنها. عندما أرتكب البشرية المعصية، فقدوا إتحادهم مع الرب. هذه الوحدة حتى نستطيع أن نسترجعها في الوجود الروحي، لزم على البشر أن يتصل مع الرب إتصالا روحيا وأن يصبح واحدا معه في هذه الدنيا. حتى الإسلام يعلم بأن الرب يجب أن يفعل “ألف” حتى يتحقق “باء”.

4) الرب يوجد خارج هذا العالم، وفي نفس الوقت لديه القدرة أن يضع نفسه فيها. أتتذكر حديثنا عن أنه الرب عزوجل؟ هو جعل نفسه كبشر ليتغلب على بلاء البشر، وبذلك يجعلنا نحن أيضا قادرين على ذلك.

5) التثليث. قلب المسيحية النابض. الرب يستطيع أن يكون أبا، إبن والروح القدس. عندما توجد خارج إطار الزمن، تستطيع أن تكون في عدة أماكن في نفس الوقت. ربنا مقيد بقواعده، ولكنه يملك قدرات تفوق قدرات البشر المحدودة. الذي ضحى بنفسه عيسى، الرب. الأمر ليس معقدا.

6) المعصية مثل المرض، سرطان إذا أردت تسميتها بذلك. هذا مقزز للرب ويجعلنا غير طاهرين. نحن نولد طبيعيا ومعنا هذا السرطان الذي نسميه المعصية الأصلية. عن طريق تضحية الرب ومن خلال الإتصال معه في صورته الأرضية، نطهر أنفسنا. بالإضافة للمعصية الأصلية، هناك معاصي كثيرة التي تشبه الوباء. عندما نقول أن عيسى لم يكن على معصية، لم يكن لديه السرطان المتمثل بالمعصية الأصلية أو إصابته بأي من الأوبئة الأخرى. ظل طاهرا ولذلك صعد إلى السماء كما يمكن للرب وحده فعله أنذاك. بالنسبة للأنبياء، ليس بنفس الطريقة. آدم عصى. نوح عصى. إبراهيم عصى. كانوا على صلاح وتقى، ولكنهم لم يتطهروا ولم يكونوا أنقياء تماما. لقد فعلوا الجنس على سبيل المثال.

 

أحمد:

قبل الرد على أندري:

جيك (مسيحي من طائفة المرمون):”مجرد فضول، ولكن هل هناك ديانات مسيحية أخرى التي رفضت مفهوم التثليث؟ قابلت العديد من البروتستانت الذين يؤمنون بذلك ولكن لا أعلم إذا كانت كنائسهم (أو أي كنيسة) تعتقد ذلك”.

مجموعة من الكناءس التي تشارككم هذا الرفض الصريح للتثليث:
Ebonites

Corinthians

Basilidians

Capocratians

Hypisistarians

Arians

Paulicians

Goths

Unitarian church

Jehovah’s witnesses

majority of today’s Anglican Bishops

Bogomiles (Bosnian Church) and

Socinianism

طبعا معظم تلك الفرق تعرضت للإنقراض أو أنضمت لديانات تشاركها نفس المفاهيم كالإسلام.

 

أندري:

هل تقول بأن الكنيسة الأنجليكية لا تعتقد بأن التثليث صحيح؟ أقصد بأن يجب أن تفرق بين الكهنة التي وكما قال CS Lewis يجب أن تؤمن بالإلحاد سريا وبين التعاليم الحقيقية للكنيسة.

أحمد:

معظم الكهنة فقط. أتذكر إحصائية تم عملها للإجابة على هذا السؤال بالذات. أيضا هناك فرق كال:

Monophysites

Nestorianism

Monothelitism

التي أختلفت حول مفهوم التثليث، كلا بطريقته الخاصة.

أحمد:

1) أرى من الجيد أن تعترف بأن هناك قدرا من الظلم في مفهوم المعصية الأصلية ولكن أنا أختلف معك فيما قلته. وأنا أيضا لا أقدر كيف جعلت المسيحية الرب وكأنه أخطأ عندما خلق البشرية وأننا يجب أن نسعى قدر المستطاع أن نبتعد أن تلك الطبيعة البشرية. بخلاف الإسلام الذي يعلمنا بأننا أفضل مخلوقات الله، وأن الإسلام طريقة حياة لنستغل هذه الحياة وبشريتنا أفضل إستغلال وأننا جميع نولد خالين من المعصية وعلى الطريق المستقيم وبأن لدينا الخيرا أن نظل على هذا الطريق.

الجنة مكان خالي من المعصية والعذاب، بقربه عزوجل. الفرق بين جنتنا وجنتكم هو أن جنتنا هو الإحتفال بالبشرية، وجنتكم إحتفال بالتخلص منها.

2)  الفرق بين الذل والتواضع موجود وحقيقي. الود والرحمة تجاه مخلوقاته، هذه من طبيعة الله. ولكن خسارة الكبرياء، والإنحطاط من المنزلة الرفيعة، وخسارة الألوهية، هذه كلها ليست وتتناقض مع مفهوم أن تكون ربا.

6) وما رأي المسيحية بشأن الأنبياء والمرسلين وأدوارهم؟ ربنا عزوجل لا يرسل لنا كتب مقدسة ويقول أقرؤها ونفذوا التعاليم التي بداخلها. هو أيضا يرسل لنا معلمين، بشر مثلنا ليطبقوا ما جاء في تلك الكتب المقدسة ولتوضيح الطريق لنا. إذا قلت لك بأن الله أرسل بدلا مهنم ملائكة كرسل للبشر، هل ستشعر بقوة أكثر وقادر على أن تتبعهم، مع المعرفة التامة بأنهم ملائكة لا يعصون الله فيما أمرهم؟

3) هو كذلك. أنت تقول بأن ربنا عزوجل لم يكن لديه النظرة المستقلية ليرى وضعه لقانون غير عادل وإحتياجه فيما بعد لإصلاحها، وأنه يفقد القدرة على مغفرة الذنوب ولذلك وجب عليه التضحية بنفسه، أصحيح ما قلته لحد الأن؟ وما قلته انت في هذا النقطة لا يشرح حاجة الرب، العظيم، القوي، مالك الملك لذبح نفسه من أجل أن يجلب عباده لتواصل روحي معهم.

5) فرقتك من المسيحية كما أظهرت في ردي. هل تستطيع شرح مفهوم التثليث ودور كل صورة بالتفصيل؟ وبالنسبة ل “ربنا مقيد بقواعده”، أليست أحد هذه القواعد الأساسية أن لا يخالف الرب كونه ربا؟ من خلال وجوده على الأرض كما تصف، إما أنه كان بشرا أو إلها، لا يستطيع ان يكون الإثنين معا.

6) الأنجيل المسيحي يخبرنا عن قيام المسيح بإرتكاب العنصرية ومعاصي أخرى…عودة إلى موضوع الأنبياء، مع ذلك هم تغلبوا على وساوس الشيطان وإغرئاته وماتوا على تقى وصلاح. ما هو الهدف من موت المسيح المفترض إذا، غير الحاجة إلى قتله لنستطيع أن نتواصل روحيا مع الرب كما تقولون؟ فعلوا الجنس؟ مرة أخرى أنت تتحدث وكأن الطبيعة البشرية ملوثة ويجب أن نبتعد عنها قدر الإمكان طريقة مشابهة للشيوعية ونظرتها للربح الشخصي. ربنا رزقنا بتلك الطبائع. لماذا يمانع بأن نتمتع بتلك الطبائع من خلال تعاليمه إلا إذا أعتقدت بانه أخطأ بإعطائنا أياها؟ ألا تعتقد بأنه من الظلم بان نكلف بشئ لا نطيقه؟

هذا المنشور نشر في حوار الأديان وكلماته الدلالية . حفظ الرابط الثابت.

2 Responses to حوار مع مسيحي: تناقضات مزعجة

  1. هشام باشماخ كتب:

    مقال جيد و مجهود تحمد عليه, و لكنك نسيت يا أحمد أهم ثغرة في المسيحية الكاثوليكية:

    “كيف يكون ثلاثة واحداً ؟”

    هذا إذا كان كاثوليكياً (في رأيي يجب أن تذكر ما هو الـDenomination الخاص به)

  2. x5dragon كتب:

    أهلا بك ياهشام. أنا ذكرت المذهب\الديانة المسيحية الذي ينتمي إليه وإن شاء الله سوف أطرح الحلقة الثانية التي أناقش فيها معه موضوع الترينتي..

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s