أنا لست ليبراليا يا هذا!

للأسف في السعودية ينتشر في ما أود تسميته ب “الباكجات أو السلات الإجتماعية” التي يصنف الجميع على أساسها:

1) سلة المحافظين: ضد الإصلاح الديني تحت الضغط الإمريكي أو غيره وربط الدين بالعلم وضد الإختلاط وسواقة المرأة ودعم الهيئة كليا وتحريم كل أنواع الموسيقى وتغطية الوجه والشريعة الإسلامية كدستور، ألخ.

2) سلة اليبراليون: مع الإصلاح الديني وإبتعاد التأثير الديني عن المواد العلمية واختلاط الرجال والنساء وسواقة المرأة وضد الهيئة كمؤسسة وكفكر مستفرد دون سائر المذاهب وترك حرية تغطية الوجه للمرأة أو عدم الحجاب لها والقوانين العلمانية، ألخ.

يأبيض ياأسود ودوامة لا نهاية لها!

فإذا ما أبديت رأيك في أحد هذه المسائل وساندت موقفا في سلة المحافظين أو اليبراليين فإنك منهم وعلى هذا يبنى عليك حجة دعم جميع المواقف في تلك السلة ومن ثم يتحول الحوار من مناقشة تلك النقطة أو القضية إلى الإتهامات المتبادلة بالتطبيع أو التخلف!

أثير في الأيام الماضية مسألة الإختلاط وهل هو حلال أم حرام وطبعا كحال أي قضية تم تصنيف الفريقين سريعا على التأييد المطلق للإختلاط أو مناهضته ككل. أخوكم المسكين دخل المعركة وهو يشير إلى كثيرا من مظاهر التشدد في المملكة والإستناد إلى الأحاديث الذي تثبت هذا الشئ وأنه يجب علينا التخلص منها بدلا من زيادة العقوبات والنفي الحاصل للشباب من المجمعات والأسواق.

طبعا وصفت ضمنا بمساندة اليبراليين وانني لا أعي ما أقول وأن موقفي يساند الذين لا يخافون الله وهم الذين أطلقوا هذه الدعوات في الأساس وأن الإختلاط المطلق فساد عظيم وأن تطبيق كلامي سيعني إنتصار العلمانية وإتباع الشهوات و…

أولا من قال أنني أساند الإختلاط مطلقا؟ أنا فقط أشرت إلى بعض التصرفات التي  من المفترض أن تكون حلال على شكل نقاط مدعمة بالأحاديث وبغض النظر عن صحة تلك الأحاديث أو عدم فهم سياقها وإطارها الزمني كما قيل لي فشتان من يحاول فرض إختلاط غربي الطابع على مجتمعنا ومن يحاول إيجاد حل للكبت الحاصل للشباب بالقضاء على المسببات والتي منها إطلاق قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” في كل صغيرة وكبيرة. وبعدين إتباع الشهوات كما هو في تحليل الأشياء المحرمة تكون أيضا موجودة في تحريم الأشياء المباحة.

يأخواني هناك أناس لا يزالون يتبعون منهج الوسطية في الدين والدنيا والتي أرادها الإسلام لنا، ليس لأنهم ضعفاء لا يستطيعون تحمل تبعات مساندة سلة المحافظين أو اليبراليين أو يمشون مع التيار أو ما هو رائج في ذلك الوقت ولكن لأن القضايا التي يساندونها موافقة للنهج الديني العقلاني الذي يسيرون عليه.

طبعا سيقولون لماذا أنتم دائما تساندون قضايا اليبراليون ولا نجدكم تدافعون عن القضايا في سلة الأخر بنفس الحماس؟

لا يخفي عليكم أن المملكة وأجوائها السياسية مختلفة كل الإختلاف عن دولة غربية كأمريكا على سبيل المثال. في الآخير يوجد إنتخابات فيوم للمحافظين ويوم لليبراليين فبإستطاعة المتوسطين أو المعتدليين أو الإصلاحيين أن يظهروا دعمهم لقضية “يمينية” متى ما قاومها اليبرالي وأن يساندوا فكر “يساري” متى ما نبذها المحافظون. والدولتان على ما يبدو يشتركان في كره هذا الصنف الثالث الغريب على أساس أنه ضعيف وغير واضح ومتذبب.

السعودية في الناحية الأخرى لا إنتخابات لها ويسود النظرة المحافظة على الحياة الإجتماعية فالمعتدلين لايحتاجون أن يطالبوا بقضية يدعمها المحافظون لأنها مطبقة على أرض الواقع ولكنهم سيضطرون للمطالبة بإصلاحات توافق جزئيا نظرة اليبراليين أكثر من نظيره الأمريكي فيبدو للمحافظ بأن المعتدل مجرد ليبرالي صغير أو جديد أو خائف وينظر اليبرالي لنا على أساس نحن مبتدئين ونحتاج دعمهم.

لسنا ليبراليون أو محافظين، نحن المتوسطين الذين يحافظون على شريعتنا وقيمنا الإسلامية ومغيرين ومصلحين لكل ما هو قديم وغابر وغير نافع من عادات إجتماعية أو تطرف ديني أو فساد إداري مؤسسي.

فلكلا الطرفين أقول أنا لست ليرباليا يا هذا! أنا متوسطي ومنهجي هو الذي سيسود ويعيدنا إلى الطريق السليم للنهضة الإسلامية!

هذا المنشور نشر في مشاكل إجتماعية, السياسة وكلماته الدلالية , , . حفظ الرابط الثابت.

2 Responses to أنا لست ليبراليا يا هذا!

  1. Ts.zT كتب:

    ماهذا يا تنين ؟ أيعقل أجد شخص مثلي تماما
    مدونة رائعة بروعة كاتبها
    أستمر فكلاماتك تحمل الصدق والراحة في نفسي الحائرة

    • x5dragon كتب:

      أشكرك على هذه الكلمات الطيبة وإن شاء الله أكون دائما عند حسن الظن. سعدت أيضا بإيجاد شخص يشاركني نفس الحماسة في رفض الأحزاب والفرق والنظر غلى القضايا كلا على حدة والله الموفق.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s