بداية لن اخوض في حكم المظاهرات شرعا وما راح أوجه نصيحتي لهذه الفئات: الإنفصاليين، الشواذ، المناطقية، الطالبانيين، العلمانيين، المتشددين، اصحاب الطوائف المذهبية المقيتة والمتعصبين فكريا أو قبليا أو حضاريا.
لا، انا راح اخاطب الإصلاحيين والمعتدلين والمهتمين بالشان العام والمثقفين وأصحاب الهمة والنهضة تابعي السلف قولا وفعلا و مريدوا الخير من جمهور المسلمين.
هؤلاء الذين تمت سرقة اصواتهم ومطالبهم المشروعة ونيتهم الصافية في بناء الوطن وصيانته ويقفون الأن مترددين حيال هذه الأحداثما بين مؤيد صامت لهذه المظاهرات لأن بقيامها سيظهر للعلن هؤلاء المخربين ويتم إعتقالهم وسيشكل حافز ضاغط لولاة الأمر للقيام بالإصلاحات بشكل أسرع أخذين بالمثل ضرب عصفورين بحجر واحد وبين من يريد إستعادة هذه الحقوق بالقوة وتطهيرها من الداخلين عليه بالمشاركة في مظاهرات مستقلة لأن صوتهم لا يصل بالطرق الاخرى.
للمؤيدين الصامتين أريد ان ادعوكم لنتأمل معا تفسير قوله تعالى فيما يخص مجموعات الفسق والتخريب:
{ وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا }
فيها مسألة واحدة ، وهي قوله : { أمرنا } : فيها من القراءات ثلاث قراءات :
فأما القراءة الأولى : فهي المشهورة ، ومعناه أمرناهم بالعدل ، فخالفوا ، ففسقوا بالقضاء والقدر ، فهلكوا بالكلمة السابقة الحاقة عليهم .
وأما القراءة الثانية : بتشديد الميم : فهي قراءة علي ، وأبي العالية ، وأبي عمرو ، وأبي عثمان النهدي ، ومعناه كثرناهم ، والكثرة إلى التخليط أقرب عادة .
وأما قراءة المد في الهمزة وتخفيف الميم فهي قراءة الحسن ، والأعرج ، وخارجة عن نافع .
ويكون معناه الكثرة ; فإن أفعل وفعل ينظران في التصريف من مشكاة واحدة .
ويحتمل أن يكون من الإمارة ، أي جعلناهم أمراء ، فإما أن يريد من جعلهم ولاة فيلزمهم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فيقصرون فيه فيهلكون . [1]”
أسائلكم بالله ما هي المظاهرات إذا لم تكن لتقوية هؤلاء وتشجيعهم لنشر أفكارهم وجعلهم الأكثرية والحاكمين في هذه البلاد؟ ما هي عاقبة الصمت إذا؟ وهل يعالج المعصية والفكر الضال بخروجه وإرتكابه علنا؟
إذا قلنا لعل هذا يسهل عمليات الإعتقال فهم يريدون ذلك، يريدون التعرض للضرب والشتم أو حتى للقتل لتجييش العواطف وتصويرهم كشهداء وإستخدامهم لإثارة النعرات القبلية والطائفية وكل هذا على مرأنا ومرأى العالم بأجمعه والعم سام والأمم المتحدة ما يقصروا.
إذا أي فائدة مرجوة وأثر جانبي لهذه المظاهرات لا تستحق كل تلك النتائج والعواقب والتي قد تؤدي والعياذ بالله إلى الدمار والخراب.
وللذين يتأهبون للإقامة مظاهرات مستقلة بدعوى عدم وصول صوتهم إلى الجهات المسؤولة وكتمها من قبل اناس معينين، فهم أشبه بمن يعاني من صداع وعندما لم تنفعه حبة البندول قام وعالج نفسه بالكي!
نعم يوجد شئ أسمه مظاهرات سلمية، ولكن كم مظاهرة تنتهي سلمية كما بدأت خاصة عندما يتم معاملة المتظاهرين بالقسوة؟ وأذكر لي عدد المظاهرات التي خرجت ولم تطالب بإسقاط حكومة تقتل وترهب شعبها او إخراج محتل أجنبي؟
نحن الحمد لله لا نعاني من أيا من الإثنتين. هناك إجماع بأن القيادة برائسة أبو متعب صالحة وجامعة للبلاد بما يعود على الجميع بالخير والمنافع وحماية الضعفاء والأقليات الدينية والسكانية من بطش الأخرين بهم. إنما الفساد والظلم الحاصل ناتج عن إهمال الكثير من المسؤولين لواجباتهم إما لعدم كفائتهم الوظيفية أو توريث المنصب لهم أو إنصياع البعض العادات والتقاليد المخالفة للشرع أو راغبي المال الحرام المتواطئين مع السارقين والغشاشين من التجار والمقاولين.
وفي كلتا الحالتين يحرص هؤلاء على منع وصول صوتك أيها المواطن او المواطنة الشريفة إلى الحكومة ليستمر الوضع كما هو عليه، المسؤول في منصبه والسارق في أخذ أموالك.
ماذا إذا اطلب منكم؟ هل اطلب منكم الصمت؟ هل أطالبكم بقبول الأمور كما هي عليه؟ كلا والعياذ بالله. أريد فقط البشارة وإنتزاع السلبية من حياتنا والعمل بإخلاص للخروج من هذه الحالة التي نعاني من والتي أستغلها الجماعات التخريبية والضالة الذين تم ذكرهم من قبل.
فالبشارة قول الله تعالى:
قال تعالى: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون}
واما فيما يخص السلبية فسأورد مقطع من هذا المقالة بعنوان “إذا كثر الخبث” من كتابة
أ.د. ناصر العمر:
“إن السلبية ليست عذراً للمجتمع، فلا بد للمجتمع من دور رائد في تنحية الظالمين وعدم تمكينهم من النطق باسمهم وتولي زمام الأمور، فإذا تخلى المجتمع عن هذا الدور فلا يلومن إلا نفسه يوم ينزل العذاب الشامل وتحل النقمة العامة كتلك التي نزلت على ثمود، نعم لم يكن المتآمرون غير تسعة ولم يكن المنفذ للجريمة المؤامرة إلا واحداً ولكن المجتمع تغافل عن دور أولئك الطغاة وتركهم يمرحون ويسرحون ويتصرفون في مصيره وفي مستقبله، إن هؤلاء المجرمين لم يجروا البلاء على أنفسهم فحسب بل كان بلاء عاماً نال المقترف بيده والساكت ذا الموقف السلبي، ولم ينج إلا من لحق بسفينة التي كان ربانها صالح عليه السلام.” [2]
ما العمل إذا؟ لمحاربة الصنف الأول نجب أن نتعلم ثقافة تقديم الشكاوى ونحرص على متابعتها. إذا كان الطريق امام بيتك ملئ بالحفر أو لا يوجد به إنارة فيجب عليك ان تتصل بالأمانة في مدينتك او أن تحضر شخصيا وتقابل المدير هناك وإذا لزم أن تذهب لأمير منطقتك في مجالسه ومعك نخبة من رجال المنطقة. إذا رأيت ما لا يسرك من تأخير في إخلاء طرف من بنك ما فحقك ان تذهب إلى مؤسسة النقد وترفع شكوى. إذا لم يتم نقل القمامة اكرمكم الله في حارتكم بشكل متواصل عليك برفع دعوى ضد الشركة المسؤولة ومن قام بتوظيفها. ياحبذا لو تم عمل موقع وبه كل أرقام الهواتف والإيميلات وأسامي المدراء والأمراء والمحافظين في كل منطقة ومدينة وقرية لكي يعرف الشخص أين يقدم شكواه وطلباته الشرعية. والإعلام سلاح فعال في تقديم الشكاوي إما بمراسلة الكتاب المهتمين بالشأن العام أو القيام بالكتابة بنفسك او عمل فيديو وما إلا ذلك، فما أكثر الإستجابات للشكاوى المقدمة في الجرائد وعلى التلفاز التي غالبا ما تحظى بإهتمام المسؤولين الكبار مباشرة وامراء المناطق. لا تنتظر من المسؤول القيام بجولة ميدانية لكل منطقة هو مسؤول عنها ولو كانت من ضمن واجباته، والسكوت هنا بكل تاكيد ليس من ذهب ولا نحاس. تذكر بأنك لو وجدت باب موصد في وجهك فبإمكانك إستخدام باب أخر والإلتفاف على ذلك المهمل وإيصال صوتك مهما اخذ منك من وقت او جهد.
اما الصنف الثاني من اللصوص وعديمي الضمير فالتشهير بهم خاصة ونحن نعيش في مجتمع لا يقدر فيه الشرف والسمعة بثمن يمثل أفضل علاج واكبر إنتقام على جرائمهم. ولكن قبل البدء في ذلك يجب أن تبحث عن وجود هيئات ووزارات مختصة للبلاغ عنهم كخطوة أولى قبل أن تحذر المقربين منك من التعامل مع هذه الجهات ورفع صوتك على صفحات الإنترنت بذكر تفاصيل حادثتك والتوضيح بالدليل السرقات التي تتم خلف الكوايس وأذكر من الامثلة الحملة التصاعدية التي واجهت ساهر بدءا من أخذ فتوى من هيئة العلماء ومرورا بتقديم المستندات وتوزيعها على الإنترنت التي تثبت يقينا بأخذ الشركات المشغلة نسبة من أرباح المخالفات وإنتهاءا بإنتقاد أمير وعضو مجلس الشورى للنظام المهترء وقيام بعض الأمانات بإعتقال وحجز الكاميرات بداعي انها إستثمارات خاصة ليست من الأنظمة الحكومية والحملة الشرسة التي تجري في الإعلام والتي تبشر بزوال هذه الأفة أو إصلاحها في القريب العاجل ومنها ما نرى من تعديل السرعات وزيادة اللوحات في الطرقات وكل هذا بدأ بحملات التشهير من مواطنين امثالي وأمثالكم.
هذا والله أعلم وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المراجع:
__________________